
✍🏼محمد الرياني
نهربُ من الصباحِ إلى المساء ، قبلَ أن تحضرَ الشمسُ نفركُ أعيننا لنرى جيدًّا مابقيَ من ظُلمةِ الليلِ ونشاهدَ هذا الكائنَ القادمَ من رَحِمِ الظلمة ، تنزاحُ الغشاوةُ وإذا الشمسُ ترينا النهار ، يا لعظمةِ النهارِ وروعتِه ! نحسب أنَّ حِدَّةَ البصرِ لدينا تستطيعُ رؤيةَ ما خلْفَ كلِّ سِتَار ، الشمسُ التي خرجتْ وسطعتْ لترينا النهارَ هي سببُ النهارِ الذي نحن فيه بأمرِ ربها ، نلهثُ ونجري في يومٍ متعددِ الأشياء ، نبحثُ عن الظلالِ لنتفيأ ، يجذبنا عصفورٌ يتعلقُ بغصنِ شجرةٍ ندي ، يشقشقُ للسلامِ وللحب ، يغردُ للنهارٍ الجديد ، تشتدُّ الحرارة ، قد نحمي رؤوسنا من لهيبِ الشمسِ بأصابعَ مفرغةٍ أوسع من فتحاتِ الغربالِ كي نقي أنفسنا من سطورِ الحرارةِ التي تهز العالم ، نمضي ونمضي هروبًا من النهارِ وكأنَّ جيشًا يطاردنا كي نبتعدَ خطواتٍ عن النهار ، يقتربُ المساءُ شيئًا فشيئًا ، والشمسُ تتجهُ معنا وكأنها تشاركنا الهروبَ إلى عالَمِ السكون ، كلنا أحياء ندورُ في فلَكٍ عظيم ، نجري في فلَكِ الإعجاز ، هاهو المساءُ قد اقتربَ والكائناتُ ترددُ بهدوءٍ أنشودةَ الوداع ، النهارٌ يكادُ يبتلعه الليلُ وهو الذي حرَّكَ كلَّ شيءٍ في البداية ، سكنَ الليلُ فاتخذنا من بعضِه سكنًا هادئًا ، أصابعُ أيدينا التي احتمينا بها سنضعُها وسائدَ نضعها تحتَ رؤوسنا ، ما أعظمَ الليل ! يُخفي النهارَ لنغمضَ أعيننا ثم ندخلَ في سُباتٍ كي نرى الأحلامَ إلى أن توقظَنا الشمسُ ونعودَ لنفركَ أعيننا من جديدٍ ونحمي رؤوسَنا ونحن ننظرُ إلى أعلى ؛ إلى كرةٍ عملاقةٍ تبعثُ الدفءَ للكون .
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات