
أقلام الخبر - سلطان الفيفي
بقيادة الأسطورة كريستيانو رونالدو وفي ليلة كروية لا تُنسى، على مسرح "أليانز أرينا" الألماني الذي تحوّل إلى ساحة صراع ناري بين جارين يتقاسمان التاريخ والثقافة والطموحات، كتب المنتخب البرتغالي سطرًا جديدًا من أمجاده، بعدما توّج بلقب دوري الأمم الأوروبية للمرة الثانية، بتفوقه على المنتخب الإسباني بركلات الترجيح (5-3)، عقب مباراة دراماتيكية انتهت بالتعادل 2-2 في وقتها الأصلي والإضافي.
كأن الزمن أراد أن يستعرض عبقريته؛ فبعد دقائق من افتتاح إسبانيا التسجيل في الدقيقة 21، ارتدّت فرحتها سريعًا حين باغتها البرتغالي نونو مينديز بهدف التعادل في الدقيقة 26، بتوقيع فني مشترك بينه وبين الجناح المتألق بيدرو نيتو. الهدفان لم يكونا مجرد أرقام، بل إشارات مبكرة على أن المباراة تتجه إلى مسار أبعد من التوقع.
وما إن همّ الفريقان بالعودة إلى غرفة الملابس، حتى ظهر "ملك النهائيات" ميكيل أويارزابال، ليقول كلمته بهدف مُتقن في الدقيقة 45 بعد تمريرة ساحرة من بيدري، مانحًا الإسبان التفوق المؤقت واستدعاء الذاكرة الذهبية لأمجاد الماضي.
دخل روبرتو مارتينيز الشوط الثاني بأدوات جديدة: روبن نيفيز وسيميدو، محركًا المياه الراكدة، لتُترجم تلك الجرأة الفنية إلى هدف في الدقيقة 61 من رجل اللحظات الكبيرة، كريستيانو رونالدو، الذي عاد ليكتب اسمه في دفتر الإنجاز بصفته الهداف التاريخي للمنتخبات
وبينما سعى لويس دي لا فوينتي لإنهاء الصراع في وقته الأصلي بإدخال أوراق هجومية مثل إيسكو وميرينو، ظل الدفاع البرتغالي كجدار صخري لا يتزحزح. وتلقى المنتخب البرتغالي صدمة في الدقيقة 88 بخروج رونالدو مصابًا، ليتولى غونكالو راموس المهمة في لحظات الشد العصبي القصوى.
امتدت المعركة إلى الأشواط الإضافية، حيث تسابق المدربان في الشطرنج التكتيكي، لكن كل المحاولات اصطدمت بجدران الصلابة والتعب. ومع عجز الطرفين عن الحسم، بدا أن الأقدار تتجه نحو الركلات الترجيحية، حيث لا منطق سوى الأعصاب.
وهناك، على مسافة 11 مترًا، حيث تختصر كرة القدم قسوتها وعدالتها في لحظة، قال البرتغاليون كلمتهم. خمس ركلات نفذوها بلا خطأ. وبينما سارت الركلات سجالاً حتى لحظة الحقيقة، تصدى دييغو كوستا لكرة ألفارو موراتا، فخفتت أصوات الإسبان، وارتفعت أناشيد البرتغال.
وجاءت الركلة الأخيرة من قدم روبن نيفيز، نجم وسط الهلال، الذي لم يتردد في إرسالها إلى الشباك، كاتبًا مجدًا برتغاليًا جديدًا في سجلات كرة القدم الأوروبية.
هكذا تُوّجت البرتغال للمرة الثانية بطلة لدوري الأمم الأوروبية، بعد لقبها الأول في 2019، لتؤكد أنها ليست مجرد منتخب بطل سابق، بل قوة حاضرة تعرف كيف تصنع المجد حين يُستدعى.
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات