المقالات

إلى أين تتجه العلاقات السعودية المصرية؟!؟

إلى أين تتجه العلاقات السعودية المصرية؟!؟

✍🏼 ملهي شراحيلي

"‏سَمِعَ المأمون أبَا العَتاهِية يُنشِد:

وإنّي لمشتاقٌ إلى ظِلّ صاحبٍ

يروقُ ويَصفُو إن كدِرتُ عليهِ.

فَقَالَ: خُذ مِنِّي الخِلافَة، وأعطِنِي هَذا الصَّاحِب."

ومن نافلة القول أن مايجري بين الدول والحكومات شبيه إلى حد كبير لما يجري بين الأفراد، فكما تختلف الناس في طباعها وتفكيرها وحتى أسلوب حياتها، كذلك تختلف الدول والحكومات في تعاطيها مع قضاياها الداخلية والخارجية، فالاختلاف طبيعية بشرية، وحتى الخلاف أحياناً أمر إيجابي.

وعليه فإن ماتمر به العلاقات السعودية المصرية خلال هذه الفترة، لايتعدى كونه إختلاف في وجهات النظر نحو بعض القضايا المشتركة، وهذا أمر طبيعي جدا.

والقضية من وجهة نظري الشخصية لاتكمن في القضايا الخلافية بين السعودية ومصر، أو بين مصر والسعودية، وإنما تكمن في الغوغائين الذين يحاولون تضخيم الإختلاف، والاستفادة من هذا الخلاف، لأغراض شخصية، وربما لحاجاتهم النفسية، كنوع من التلذذ بمشاكل الآخرين.

 

إن كمية الشتائم والمهاترات الإعلامية التي تعج بها مواقع التواصل الإجتماعية لاتدل بأي حال من الأحوال على عمق الخلاف القائم، هذا إن سلّمنا بوجود خلاف قائم أصلاً، بقدر ماتنم عن أحقاد دفينة، وأمراض نفسية لدى بعض الإعلاميين وجهات إعلامية، بالإضافة إلى عشاق التهويل والتطبيل من مشاهير السوشال ميديا، وممن يبحثون عن الشهرة والظهور الإعلامي، ولو على حساب حكوماتهم وشعوبهم.

ولقد صدق الحكيم حين قال:

لو سَكَت من لا يعلم لسَقَط الخِلاف بين الخلق.

 

إن مما يحز في النفس أن تتسابق القنوات الإعلامية الرصينة، والأقلام الحرة النزيهة في مصر الشقيقة من الخوض في معمعة إعلامية وهجمة كلامية ضد المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربية، لا لسبب موضوعي ولا لمسوغ قانوني، فقط لرغباتهم الشخصية ونزواتهم الإعلامية. 

فلو فرضنا أن هناك خلاف سعودي مصري بسبب إختلاف وجهات النظر السياسية أو الاقتصادية بين السعودية ودول الخليج مع مصر فلماذا يتعمد الإعلام المصري ورموزه النيل من قادة المملكة العربية السعودية وقادة مجلس التعاون الخليجي؟!؟ بل ولماذا التنقيص من شعوب الخليج بصفة عامة والشعب السعودي على وجه الخصوص؟!؟

ووصفهم بالحفاة الرعاة، البدو الرحل وغيرها من الأوصاف التي يظن سفهاء الإعلام المصري أنها أوصاف مهينة!!.

مع أن الحفاة الرعاة والبدو الرحل أصبحوا بفضل الله ثم حنكة قادتهم ينافسون دول العالم المتقدم في شتى مجالات الحياة البشرية.

 

لماذا لم ينتقد إعلام السعودية ولا إعلام الدول الخليجية التقارب المصري الإيراني، المحكوم بالفشل الذريع إن عاجلاً أو آجلاً؟!؟

بينما الإعلام المصري يشن على السعودية والخليج سيلاً من الاتهامات الباطلة، والأقاويل الزائفة في قضايا تخص مصر ولا دخل للسعودية ولا لدول الخليج بها!!.

إن تردي الأوضاع الاقتصادية التي تشهدها جمهورية مصر العربية، سببها الحكومة المصرية وليست السعودية ولا دول الخليج، ولكن الإعلام المصري، ناهيك عن الناعقين على مواقع التواصل الإجتماعي في مصر ودول الخليج يتهمون السعودية ودول الخليج!!.

لست أدري على أي أساس يربط الإعلام المصري بين تدني مستوى الخدمات في مصر وبين قادة دول الخليج؟!؟

ولا أعلم لماذا يحاول الإعلام المصري الزج بالسعودية والخليج في مشاكل مصر الداخلية!!؟

ومع أنني لست من الذين يربطون بين الدعم السعودي والخليجي لمصر وبين مواقف مصر، إلا أن أصحاب هذا الرأي يبدو أنهم محقون.!!

وإذا ما كان ذلك صحيحاً، فأتمنى أن تتوقف جميع أدوات الدعم لمصر حتى نعرف مصر أكثر وأكثر.

 

إن مما لاشك فيه أن العلاقات السعودية المصرية كانت ولاتزال وستظل بفضل الله راسخة ومتينة، ولا ضير إن ظهر إختلاف أو حتى خلاف بين الفينة والأخرى، فجميع الدول تختلف وتتفق، بل وتتحارب وتتصالح، لكن الذي لا أراه منطقياً الهجوم الإعلامي غير المبرر إطلاقاً، وغير مقبول نهائياً، ولا أعتقد أن شرفاء مصر يقبلونه علينا، ولا حكمائها يرضونه، ولكن لا أشك مطلقاً أن الحكومة المصرية هي من تغذي هذا الهجوم، بل وتدعمه، هذا إن لم تكن هي من تصنعه.!!.

              لكن لماذا ياترى؟!؟

ماهي مصلحة مصر من عداء السعودية ودول الخليج؟!؟

لماذا تسلط مصر أقلامها المسعورة على اشقائها؟!؟

 

من وجهة نظري الشخصية، أن هذا السلوك الذي تنتهجه مصر حالياً، ليس له سوى تفسير واحد، ألا وهو التنفيس عليها من الضغوط الداخلية. 

إن الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تشهدها مصر، يضغط على الحكومة المصرية، وبالتالي فإن الحاجة ملحة لإشغال الرأي العام المصري بقضايا جانبية للتنفيس على الحكومة المصرية.

لكن هذا الهروب من معالجة المشاكل الداخلية المتردية، لن يصنع مشاكل خارجية فحسب، بل سوف يضاعف كمية الضغط الشعبي، وبالتالي فإن الانفجار الداخلي محتوم، قد يتأخر، لكنه حتماً سوف يكون مدوياً.

ولذا فإننا نلتمس العذر للأشقاء في مصر، مع علمنا التام بأن العلاقات السعودية المصرية وإن نابها الفتور، إلا أنها سوف تظل من أفضل العلاقات العربية العربية، إن لم تكن أفضلها.

كما نلتمس لهم العذر لأننا نعلم أن إعلام مصر واعلامييها وكُتّابها ليسوا سوى إثنين كما قال شاعرهم شوقي:

كُّتُابُ مصر اثنان في آرائنا

وعند حسن الرأى تجلى المعمعه

فكاتبٌ يُقام إجلالا له

وكاتب لا نستحى أن نصفعه.

MelhiSharahili@gmail.com