المحليات

إجازة حزينة.. غرق وصعق وصواعق وسقوط في ذاكرة السعوديين

إجازة حزينة.. غرق وصعق وصواعق وسقوط في ذاكرة السعوديين

الرياض – أحمد الخبراني

تحولت الإجازة الأخيرة التي كان يُفترض أن تحمل الفرح والراحة إلى مشهد حزين متلاحق، بعدما توالت الأخبار المأساوية على السعوديين من داخل الوطن وخارجه، لتصنع فصلًا من الفقد قلّ أن يجتمع بهذا الثقل في وقت واحد.

ففي إندونيسيا، ابتلع البحر الشاب أسعد الهوساوي (29 عامًا) أثناء ممارسته السباحة في بحر بالي، بعدما باغته تيار مائي قوي وجرفه بعيدًا عن الأعين. كان في رحلة سياحية قبل أن تتحول لحظات المتعة إلى فاجعة.

 

وفي القصيم، تحولت نزهة عائلية إلى كارثة حين لقيت فتاتان في الثانية عشرة والرابعة عشرة من العمر، وخالتهما البالغة 27 عامًا حتفهن غرقًا في مسبح استراحة خاصة، كانوا قد استأجروه للتسلية والترفيه ولكن سرعان من قلب الحال إلى فقد وحزن بين أوساط المجتمع .

 

أما الطائف، فلم يكن المشهد أقل إيلامًا، إذ أُصيبت 23 فتاة بجروح متفاوتة منها 3 حالات خطيرة إثر انهيار لعبة هوائية في إحدى مدن الملاهي. اللعبة التي كان يُفترض أن ترسم الضحكات انهارت فجأة، فاختلطت صرخات الفرح بأصوات الألم والإسعافات، في مشهد هز المجتمع بتداول المقطع على نطاق واسع بمنصات التواصل.

 

وفي الرياض، لم يكن الفقد بعيدًا، إذ باغتت صعقة كهربائية الطفل نايف أحمد الخبراني (10 أعوام) وهو يلهو عند مسبح المنزل. الطفل نايف الذي كان يشعّ مرحًا بين أهله وإخوته، رحل في لحظة خاطفة، تاركًا والديه في لوعة، وأسرته الصغيرة في صدمة لم يبرأ منها قلب.

 

كما ودّع السعوديون الأمير الوليد بن خالد بن طلال، المعروف بـ الأمير النائم، بعد عشرين عامًا من الغيبوبة إثر حادث سير شهير في 2005. كان اسمه حاضرًا في قلوب الناس بدعواتهم المتكررة له، قبل أن يرحل أخيرًا ويطوي صفحة إنسانية ظلّت رمزًا للصبر والدعاء.

 

وفي لندن، لقي الشاب محمد القاسم (20 عامًا) مصرعه إثر طعن مفاجئ بينما كان يتجول في أحد شوارع كامبريدج. رحلة دراسية كان يأمل أن تعود بشهادة، انتهت بجريمة غامضة أعادت جثمانه إلى وطنه محمولًا بالدموع بدلًا من الإنجازات.

 

أما في أبها، فقد باغتت صاعقة رعدية سيدة من القريات وابنتها الصغيرة أثناء نزهة عائلية تحت المطر. كانت العائلة جاءت بحثًا عن نسيم أبها البارد وجمال جبالها، لكن البرق خطف الضحكة في لحظة، ليعودوا إلى ديارهم بذكرى موجعة بدلًا من الصور الجميلة.

 

وفي سلطنة عمان، رحل الشاعر سعود معدي القحطاني بعد سقوطه من مرتفعات جبل سمحان في محافظة ظفار أثناء ممارسته هواية التسلق. غاب الجسد، لكن بقيت قصائده وإرثه الشعري شاهدًا على حضوره العميق في الساحة الأدبية.

 

وهكذا اجتمعت المآسي في إجازة واحدة، من غرق إلى صعق، ومن طعن إلى صواعق وسقوط، لتكتب أيامًا حزينة في دفتر الذكريات، وتترك المجتمع أمام إجازة لم تترك بيتًا إلا وطبعت عليه الحزن ولا قلبًا إلا مزقه الحسرة والألم. 

إجازة ستظل علامة فارقة في ذاكرة السعوديين كفصل للفواجع يعلّم أن الفرح قد يخونه القدر في لحظة، وأن الحزن قادر على أن يطرق كل الأبواب في وقت واحد.