
✍🏻 أحمد محمد الخبراني
ليست صاخبة، ولا مباشرة، ولا ترفع راية واضحة. تظهر الابتسامة، وتتحدث بلغة ناعمة، فيما تمضي نواياها في طريقٍ مغاير تمامًا. الشخصية الحنباصيّة لا تهاجم، لكنها تُشكك بصمت. لا تصنع المشهد، لكنها تعيد تشكيله بما يخدم وجودها.
توهمك الشخصية الحنباصيّة بأنها تقف إلى جانبك، وتعدك بأنها ستنقل رسالتك بأمانة، لكنك حين تسمع ما نُقل عنك، لا تكاد تصدق. الكلمات حُرفت، والمعنى تغيّر، والمقصد ضاع بين إضافاتٍ لم تقلها، وحذفٍ لما كان جوهريًا. لا تسعى للصدام، لكنها تعرف كيف تُربك المعنى، وتُحمّل الموقف أكثر مما يحتمل.
وراء تلك الابتسامة، غيرةٌ لا تُقال، وقلق دائم من نجاح الآخرين. تراقب الناجحين لا لتتعلم منهم، بل لتبحث فيهم عن ثغرة. تنتظر عثرتهم، وتُضخّمها، وتُمررها بهدوء خلف الكواليس، وكأنها معلومة عابرة لا أكثر. لا تقول “أنا أستحق أكثر”، لكنها تسعى لأن لا يحصل غيرها على ما لم تصل إليه.
الشخصية الحنباصية تسعى للوصول، لكن دون خريطة. لا تملك أدوات الارتقاء، فتتخذ من التحايل مسارًا، ومن الالتفاف وسيلة، ومن التملق جسرًا. لا تبني مجدًا، لكنها تحرص على أن لا يُبنى مجدٌ أمامها.
هذه الشخصية لا تعيش في الضوء، بل تتنفس في العتمة. لا تُجاهر بموقف، بل تُشير، وتُلمّح، وتُترك أثرًا مشوشًا لا يُمسَك عليه شيء. لا تُنافس بالأداء، بل تُقنع الآخرين أن لا أحد يستحق التميز. تُربك، وتُفرّق، وتضعف الروح دون أن تلوّح بأي خلاف.
فلنحذر من الشخصية الحنباصية، وإذا ظهرت في أي بيئة عمل، فلا تُمنح فرصة للتمدد. فهي تُعيق التقدم بخيوط خفية لا تُرى. ومع مرور الوقت، يتفكك الفريق، وتخفت روح المبادرة، وتتحوّل الثقة إلى حذر، ويُصبح الطموح تهمة بدلاً أن يكون قيمة تُحتفى بها.
(1) التعليقات
التعليق
منك لله يا حنباص .. شخصية غريبة جداً