منوعات

الحرف فاتن ... وجماله لا يبرر صمته!

الحرف فاتن ... وجماله لا يبرر صمته!

الكتابة شرف ومسؤولية، والحرف فاتن جماله، فلا تكتب ما تخجل أن تقرأه على مسامع من تحب، أو أن تُسأل عنه بين يدي من لا يغفل ولا ينام... فاجعل قلمك طاهراً، وقلبك صافياً، وضميرك حياً، تكن كاتباً لا يُنسى، وحرفاً يُقرأ إلى قيام الساعة. 

الكتابة ليست مهنة عابرة، ولا عادة يتسلّى بها أصحاب الفراغ، بل هي أمانة ثقيلة لا ينهض بها إلا صاحب ضمير يقظ، فبحرفك تمسح دمعة، أو توصل شكوى، أو تنتزع حقًا صعب انتزاعه، فلا تستهِن بما تكتب، فالكلمة إذا خرجت من قلب صادق، دخلت القلوب بلا استئذان... قد يكون حرفك دواءً لروح موجوعة، أو سندًا لمن ظُلم ولم يجد من ينطق باسمه.  

أنت تبني جسوراً من المعاني، وتعبر بها من قلبك إلى المتلقي، فكيف ترضى أن تكون تلك الجسور من وهمٍ او خذلان للعدالة؟.

الكاتب الصادق لا يكتب لينتقم، ولا ليكسب مديحاً، بل يكتب ليؤدي أمانة، ويبلغ رسالة. إن الحبر الذي يخط به هو امتداد لروحه، فإن كانت روحه نقية، جاء الحرف عذباً صادقاً، وإن كان في قلبه غشٌ أو هوى، خان الحرف، وخان القارئ.

النية في الكتابة أهم من اللغة... فكم من نصٍ جميل المبنى، ميت المعنى، لأنه خرج من قلب مُظلم أو غاية مشبوهة، وكم من سطر بسيط، كتبه صاحبه بصدقٍ ووجع، فدخل القلوب، ومكث في الذاكرة، فلا تكن حروفك بلاغة بلا عدالة، ولا كلمات لا تنصر أحداً...

يظن بعضهم أن حرية التعبير تعني حرية العبث، فينشر كل ما يخطر على باله دون وعي أو تمحيص.!. لكن الكاتب المتزن يعلم أن الكلمة قد تهدم، أو تبني، قد تُشعل فتنة، أو تطفئ نيراناً، فهو لا يكتب إلا بعد أن يزن الحرف بميزان الدين، والعقل، والضمير ...   

التاريخ لا يخلّد إلا أصحاب الرسائل الصادقة، أما الزائفون، فإن ضجيجهم يخبو سريعاً، وتُنسى أسماؤهم قبل أن تجف أوراقهم !... وحده الكاتب الذي احترم قلمه، وصان قارئه، وراقب ربه، يظل حيًّا، مهما غاب جسده.

اكتب لتُحيي في الناس الأمل، اكتب لتزرع، لا لتُفسد، لتواسي، لا لتُوجع، اكتب لأنك صاحب رسالة، لا لأنك تطارد وهم الشهرة... فالكلمة الطيبة صدقة، والكلمة الصادقة مبدأ، والكلمة الخالدة حياة أخرى.

✍🏼علي بن عبد الله المالكي