
في ليلةٍ ليست كعادتها من الليالي…
ليلة سكن فيها الفرح، وثقلت فيها الأنفاس، وارتجف فيها قلبي وكأنها الأرض هي من ارتجفت …
اختار حبيبي وفلذة كبدي “نايف” أن يختم يومه بـأحب شيء لقلبه…، وهوايته المفضلة (السباحة)، كانت ضحكته تملأ أركان البيت، ضحكات بريئة، كأنها نغمة من الجنة.
سبح وأستمتع ، وانتهى قرابة الساعة ١٢ ليلًا…
رجع لي مبتسم وقال بصوته اللي ما أنساه:
“بابا… باقي بسبح شوي وأطلع.”
ضحكت، وقلت له: “إسبح يا بعد عمري…”
ما كنت أدري إني بهالكلمة أودّعه وهو يبتسم.
ما كنت أدري إن القدر ينتظر خلف المسبح.
شاف المسبح ناقص هواء،
أصرّ يصلحه بيده، أخذ المنفاخ الكهربائي…
وفي لمح البصر…
صُعق نايف بالكهرباء .
سقط نايف،
سقطت روحي معه،
تجمّد الوقت، وانهار قلبي.
ركضت له، ناديت عليه،
نفخت فيه الروح، حملته بيدي،
ركضت للمستشفى والرجاء يسبقني،
لكن أمر ربي سبقني…
وفارقني نايف .
يا الله… كيف ستكون الحياة من بعده؟
كيف أصحى ولا أسمع عباراته اللي تعودت عليها ؛ “سم بابا… أبشر بابا ”؟
بكيتك يا نايف حتى انهدّ حيلي
بكيتك ودمعي ما وقف طول ليلي
بكيتك بعيوني… وبقلبي… وروحي.
بكاك قلب أمك المكلوم .. بكتك عيون اخوانك الحزينة .. وأرواحهم المصدومة.
بكتك جدتك، وانسكب دمعها ألما وحسرة،
بكتك قلوب أخوالك، وتفطرت صدور أعمامك،
بكاك كل من شالك، وكل من حبك،
بكاك حتى اللي ما عرفك، لما سمع بموتك.
بكاك إمام المسجد، بكاك وهو يدعي لك من قلبه، بكاك المصلّين، بكاك صوت القرآن في مسامعنا من بعدك،
بكاك معلموك، وكل زميل سمع بأمرك .
بكوك جيرانك… وأهلك… وأصحابك
بكاك البيت بكل زواياه وجدرانه،
بكاك السرير، والكُتب، والمراية،
بكتك حتى الكرة اللي كنت تلعب فيها، ومسبحك اللي تحبه وكأنه يعرف ما عاد له مكان من بعدك.
كان حلمك يا صغيري بأنك تكبر بسرعة، ودائماً تقول لي:
“أبغاك تفتخر فيني يا بابا.”
وأنا أقول لك: والله إني فخور فيك حتى وأنت غايب عن عيوني.
رفعت راسي بدعاء الناس، وحبهم، وحزنهم عليك.
رحلت، لكنك ما غبت…
معي بكل دعاء، بكل سجدة، بكل دمعة،
رحلت عن عيني… لكنك بوسط قلبي وروحي .. وستبقى في قلوب كل من حبك ..
أسأل الله أن يجعل قبرك نور،
وروحك في عليين،
وأن يجبر كسري جبراً من عنده..
وأن يجمعنا فيك في جناتٍ لا وداع فيها ولا حزن ولا ألم.
وداعًا يا نايف… يا حبيبي… يا ضيّ عيني ونبض فؤداي .. إلى أن نلتقي بك في جنات النعيم.
✍🏼أحمد الخبراني
(0) التعليقات
لا توجد تعليقات